السلام
عليكم ورحمة الله وبركاته
روى البخاري ومسلم رضي الله عنهما قال- مَرَّ رَسُولُ اللَّهِ عليه الصلاة
والسلام عَلَى قَبْرَيْنِ فَقَالَ- أَمَا إِنَّهُمَا لَيُعَذَّبَانِ وَمَا
يُعَذَّبَانِ فِي كَبِيرٍ، ثم قال بلى، إنه لكبير، أَمَّا أَحَدُهُمَا
فَكَانَ يَمْشِي بِالنَّمِيمَةِ، وَأَمَّا الْآخَرُ فَكَانَ لَا يَسْتَبرئ
مِنْ بَوْلِهِ، قَالَ- فَدَعَا بِعَسِيبٍ رَطْبٍ فَشَقَّهُ بِاثْنَيْنِ،
ثُمَّ غَرَسَ عَلَى هَذَا وَاحِدًا، وَعَلَى هَذَا وَاحِدًا، ثُمَّ قَالَ-
لَعَلَّهُ أَنْ يُخَفَّفُ عَنْهُمَا مَا لَمْ يَيْبَسَا .
وقد دل الحديث على أن عذاب القبر ليس خاصاً بالكفار، بل قد يعذب به المسلم
كما في هذا الحديث، فهذان الرجلان مسلمان، كما يدل عليه سياق الحديث،
ينبغي أن نعلم أن سعة القبر وضيقه، ونوره وظلمته، ليست من جنس المعهود
للناس في عالم الدنيا، لأن الله تعالى جعل الدور ثلاثة، دار الدنيا، ودار
البرزخ، ودار الآخرة، وجعل الله لكل دار أحكاماً تختص بها .وأن عذاب القبر
ونعيمه يقع على الروح والبدن، فأصله على الروح، والبدن متعلق بها .
التَّحْذِير مِنْ مُلَابَسَة الْبَوْل أو النجاسة بالْبَدَن وَالثَّوْب,
ووُجُوب إِزَالَة النَّجَاسَة ولو لم يرد الإنسان الصلاة .وأما(لا يستبريء)
فتدل على زيادة التوقي، وهو أنه يبول ثم يقوم مباشرة قبل التأكد من انقطاع
البول، وهذه العجلة تفضي إلى بقاء شيء من البول وخروجه بعد ذلك مما يؤدي
إلى ملابسة النجاسة ونقض الوضوء بسبب تفريطه وتهاونه.
، على الإنسان أن يتوقى من النجاسات، ويبادر إلى إزالتها، ومع هذا نقول يجب
أن لا يصل الأمر بالإنسان إلى الوسوسة ، بل عليه أن يفعل الواجب ولا يلتفت
إلى الاحتمالات .
قال عليه الصلاة والسلام (وأما الآخر الذي يعذب في قبره فكان يمشي
بالنميمة)
والنميمة- نقل الكلام بين الناس على وجه الإفساد، وهي كبيرة من كبائر
الذنوب، تفرق بين المسلمين، وتوقع البغضاء بين المتحابين .
النمام مجرم عظيم وأفاك أثيم، ينقل الحديث إليك؛ لكي يفسد قلبك على
إخوانك.. الله يجمع بين عباده ويؤلف بين قلوبهم, والنمام يفرّق ويفسد.
ولهذا أخبر الله أن النمامين فيهم المهانة والكذب والفجور، (ولا تطع كل
حلاف مهين هماز مشاء بنميم مناع للخير معتد أثيم) .. وقال -عليه الصلاة
والسلام ( لا يدخل الجنة نمام
الراوي: حذيفة بن
اليمان المحدث: مسلم - المصدر: صحيح مسلم - الصفحة أو الرقم: 105
خلاصة حكم المحدث: صحيح
أي إنه لا يوفق لحسن الخاتمة والعياذ بالله .
وأشد النميمة ما يكون بين الأقارب والأرحام، فقد يبتلى الرجل بابن نمام
يفسد قلبه على إخوانه، ومثل ذلك في الزوجة والأب والأم، ، فيفسد الأب ابنه
على زوجته فيقول- زوجتك تفعل كذا وكذا, وتفسد الأم ابنتها على زوجها، وقد
قال(عليه الصلاة والسلام )
- من خبب عبدا على أهله فليس منا ومن أفسد امرأة على زوجها فليس منا
الراوي: - المحدث: المنذري - المصدر: الترغيب والترهيب -
الصفحة أو الرقم: 3/124
خلاصة حكم المحدث: [إسناده صحيح أو حسن أو ما قاربهما]
ألا يخشى النمام أن يعذبه الله في قبره، ألا نتقي الله في ألسنتنا فإن هذا
الحديث ليس خاصاً بالنميمة الذي يؤذي الناس بلسانه ، بل يشمل آفات اللسان
من الغيبة والفحش والبذاءة وغيرها،
فعذاب القبر عن معاصي القلب والعين والأذن والفم واللسان والبطن والفرج
واليد والرجل والبدن كله)، النمام والكذاب والمغتاب وشاهد الزور وصاحب
الفتنة أوالبدعة وآكل الربا وآكل أموال اليتامى وآكل السحت من الرشوة وشارب
المسكر وآكل لقمة الشجرة الملعونة يعني الحشيشة، والزاني واللوطي، ومستمع
الغناء،فكل هؤلاء وأمثالهم يعذبون في قبورهم بهذه الجرائم بحسب كثرتها
وقلتها وصغيرها وكبيرها،
اللهم قنا عذاب القبر
اللهم اجعل قبورنا روضه من رياض الجنه واملأها علينا بالضياء ولنور والفسحه
والسرور